كتب _دكتور اشرف المهندس
كان القدماء المصريين يحملون المصابيح والمشاعل ويغنون “وحوي يا وحي إياحة”، وفي أول ليلة في رمضان كل عام يغني الأطفال وهم يحملون الفوانيس “وحوي يا وحوي إياحة”.
البداية تلقى الضوء على ملكة مصرية في يوم المرأة المصرية تغنى باسمها المصريين قديما وحدثيا وكثير منهم لا يعرفه
امدحوا سيدة المصريين، سيدة جزر البحر المتوسط، ذائعة الصيت في كل بلد أجنبي، هي التي تصنع الخطط للناس، زوجة الملك، ابنة الملك، أم الملك، النبيلة العالمة بالأشياء، التي ترعى شئون المصريين، هي التي جمعت شمل الجيش، ووضعته تحت رعايتها، وحمت الناس، وأعادت المهاجرين، وجمعت الفارين، هي التي هدأت الجنوب، وأخضعت ثائريه، إياح حتب، زوجة الملك، لها الحياة الأبدية.
هذه كانت كلمات أحمس قاهر الهكسوس عن والدته الملكة “إياحة” أو إياح حتب، وهذا النص جاء في لوحته الشهيرة بمعبد الكرنك.
إياح حتب، أو “إياحة” بالعامية القديمة، معناه “قمر الزمان” باللغة العربية، هي الملكة الفرعونية التي لا يعلم عنها الكثيرين، ولم تحظي بالقدر المناسب من الاحتفاء و التقدير على دورها التاريخي في حماية مصر والدفاع عنها، على الرغم من تغنينا باسمها كل عام في مطلع شهر رمضان، “وحوي يا وحوي إياحة
الملكة إياح حتب الأولى، هي ابنة الملك تاعا الأول، والدتها الملكة تتي شري ، كانت فلاحة مصرية بسيطة تزوجها الملك وأصبحت أحد ألمع الملكات المصريات، أنجب تاعا وتتي ملكتنا “إياحة”، التي تزوجت الملك “سقنن رع”، ووقفت إلى جواره في حربه ضد الهكسوس، التي انتهت بموته، فلعبت نفس الدور مع ابنها الكبير “كامس” في حربه ضدهم، حتى مات هو الآخر، فكانت بعده هي الوصية على الملك “أحمس” قاهر الهكسوس، الذي لم يتعدى عمره وقتها ال 10 سنوات، حيث قامت بتصريف شئون الدولة وإدارة الحكم سياسيًا وعسكريًا حتى تولى أحمس مقاليد الحكم، وقادت تلك الفترة شعلة النضال المصري ضد الهكسوس، حيث قامت بجمع شمل الجيش، ووضعته تحت رعايتها.وقبيل حرب التحرير، أعلنت إياح حتب نفير الحرب، فأتى الرجال والشباب من كافة بقاع مصر، فقامت بإلقاء خطاب حماسي، قالت فيه لابنها أحمس: لا تعود إلا بالنصر
ذكرت النصوص أن “إياحة” هي واضعة اللبنات الأولى في بناء السياسة التي سار عليها ابنها أحمس في حربه ضد الهكسوس، وتعد صاحبة إدخال العجلات الحربية لمحاربة الهكسوس إلى مصر، وذكرت النصوص أنها كانت تعبيء الجيوش، وتقف في الخطوط الخلفية تشجع المصريين على المشاركة في الحرب، كما يعتقد المؤرخون أن “إياحة” شاركت بالفعل وقادت حملات لقتال الهكسوس، مع وجود احتمالات قوية ترجح كونها قادت الجيش المصرى فى معارك حربية لتأمين الحدود الجنوبية.
ونقل عن مؤرخون أن بالعثور على عدد من الأوسمة والنياشين العسكرية في تابوتها، بينهم مثل وسام “الذبابة الذهبية”، والذي يمنح لتقديم خدمات عسكرية استثنائية، يسطر اسم “إياح حتب” كأحد أعظم المربين العسكريين، كما تعد أول امرأة تحصل علي أعلي أوسمة عسكرية في التاريخ المصري والعالمي.
وكرم أحمس والدته، وخلد ذكراها على لوحته الشهيرة بمعبد الكرنك، المنشور تفاصيلها في موقع مصر الخالدة الذي يشارك في محتواه المجلس الأعلى للآثار قائلًا: “امدحوا سيدة المصريين، سيدة جزر البحر المتوسط، ذائعة الصيت في كل بلد أجنبي، هي التي تصنع الخطط للناس، زوجة الملك، ابنة الملك، أم الملك، النبيلة العالمة بالأشياء، التي ترعى شئون المصريين، هي التي جمعت شمل الجيش، ووضعته تحت رعايتها، وحمت الناس، وأعادت المهاجرين، وجمعت الفارين، هي التي هدأت الجنوب، وأخضعت ثائريه، إياح حتب، زوجة الملك، لها الحياة الأبدية”.
عاشت إياح حتب 90 عامًا كانت أسطورة ونموذجا مشرفا للمرأة المصرية، وعثر العالم الفرنسي “مارييت” على تابوتها في 5 فبراير عام 1859، في ذراع أبوالنجا بجبانة ” طيبة”، وأرسله على باخرة خاصة إلى متحف بولاق، وكان يحوي مومياتها وأوسمة وخناجر ومجوهرات، وأوقف الباخرة وقتها مدير مديرية قنا، وقام بنزع الأكفان عن المومياء فتحطمت عظام الملكة، وحدثت حرب بين رجال مارييت ورجال مدير مديرية قنا، انتهت بغرق المومياء في نهر النيل، فقام مارييت بأخذ العظام والحلي لإهدائها إلى سعيد باشا، والي مصر، الذي رفض الاحتفاظ بالكنز، وأمر ببناء مكان “يليق به”، فكان “المتحف المصري”.
ويتغنّى المصريين باسم إياح حتب عند رؤية هلال رمضان كل عام، مرددين “وحوي يا وحوي إياحة”، كما كان تغنّى بها قدماء المصريين عندما خرجوا حاملين المشاعل والمصابيح تمجيدًا لها مبتهجين بالنصر هاتفين”وحوي يا وحوي إياحة”، ما تعني “مرحبًا قمر الزمان”.